فن تدريب العين علي الرؤية السليمة ...و فن تدريب العين علي فهم شكل المشهد

فن الرؤية السليمة
المنظور... وشكل المشهد

ان حياتنا البصرية لمليئة بملايين المشاهد والمناظر التي مرت وقد تمر على اذهاننا، وانه لمن الطبيعي ايضا بعد كل ذلك ، ان نكون لمسنا بشكل او بآخر تلك القواعد الصارمة لاسرار المنظور ، قد يكون بعضنا لم يسمع بهذه الكلمة، ومنا من سمع بها ولكنه لا يفهم كنهها جيدا، ومنا من يعرف ما هو المنظور ولكن لا يعرف قواعده..
ان كافة المشهودات التي نراها في منازلنا وخارجها، على الجبال واسفلها ، على ابواب المباني واعلاها، في الصحاري والبحار ، لتعطينا مادة زخمة نستطيع من خلالها فهم المنظور الفهم الصحيح ، فدعونا نبدأ

اعلى ... اسفل

من منا لم يصعد فوق سطح منزل او مبنى ما ، ومن منا لم ينظر الى مبنى او مبانٍ ما من الخارج ، او من على شرفة او نافذة تطل من مبنى عالٍ على مبنى منخفض؟
انه لمن البديهي ان نذكر ، انه اذا نظرنا من سطح عال ونظرنا الى مباني اقل ارتفاعا سنشاهد اسطحها ، اما اذا نظرنا الى نفس هذه المبان من الشارع فلن نرى اسطحها؟

هذه هي فكرة المنظور الاساسية ! اترون ما ابسطها ؟
لكن مهلا ..
الامر ليس بهذه البساطة ، الامر يحتاج منا الى قليل من الترجمة العلمية لهذا الكلام لاستنباط القواعد والسير بخطة واثقة اكثر ، واهم هذه القواعد المنظورية التي يجب علينا فهمها جيدا .. هو ما يطلق عليه خط الافق

فما هو خط الافق:

عندما ينظر الانسان الى المدى المفتوح في الصحراء مثلا او البحار فانه يرى آخر نقطة مرئية للأرض التي أمامه.
وبما ان الارض كروية الشكل، فاننا لا نستطيع رؤية جميع سطوحها، بل نرى الجزء المنبسط أمامنا حتى تنحني في كرويتها وتختفي الرؤية. وآخر خط نراه في الافق قبل انحناء سطح الارض نسميه " خط الافق"ببساطة هو خط التقاء السماء بالارض في المشهد

(خط الافق يكون دائما بمستوى نظر المشاهد، بغض النظر عن مكان وقوفه في الوادي او على سطح الجبل)
ويتغير ارتفاع او انخفاض خط الافق تبعا لمكان وقوفنا فكلما ارتفعنا كلما ارتفع وبعد خط الافق ، والعكس كلما انخفضنا.

ومن خلال فهمنا لخط الافق ، نستطيع اعطاء الانطباع الصحيح لبعد الاشياء وعمقها ، كذلك نستطيع ان نقنع المشاهد بواقعية وديناميكية المشهد المعروض امامه
حيث ان الاشياء في الطبيعة بالنسبة لمستوى النظر تتواجد في ثلاث حالات لا غير :
هي فوق أو بمستوى او تحت خط النظر، وهذه الحالات الثلاث هي التي تحدد الرؤية السليمة للاشياء، فكثير من الرسامين الهواة يقع في خطأ فادح، تكون اللوحة متقنة لونيا، وجماليا، ولكن العين لا ترتاح للمشهد بسبب خلطه لاكثر من حالة من هذه الحالات لتكوينات في نفس المستوى، فيظهر سطح تكوين ما ويخفي الاخر رغم وقوع التكوينين في مستوى واحد.

كذلك للمنظور بناء على اهمية بالغة في التعرف على الاشياء الاقرب من الشياء البعيدة فمثلا دعونا نرى هذه اللوحة الفنية الرائعة
فنلاحظ ان الاشياء القريبة من النظر بالوان قوية ونلاحظ الاضاءة والظلال في كامل قوتهما
اما الاشياء البعيدة كالجبل البعيد والسهول باهتة اللون مما يعطي الاحساس بالبعد أو العمق.

التباين في الاحجام الظاهرية بين القريب والبعيد

تختلف الاحجام الظاهرية للاجسام وفقا لبعدها وقربها من عين المشاهد، فتصغر كلما بعدت وتكبر كلما قربت/ ففي الشكل نلاحظ ان الفنان اعطى للاشخاص القريبين حجما كبيرا ليمنحنا الاحساس بقربها الينا وعمد الى تصغير احجام الشخوص البعيدة ليعطينا احساسا بالعمق الفراغي.

(كلما صغر الحجم الظاهري للاشياء، ازداد احساسنا ببعد هذه الاشياء عنا، وهذا بدوره يمنحنا الاحساس بالعمق او البعد الثالث في اللوحات الفنية)

تقدير الاحجام

ان تقديرنا لاحجام الاشياء في الرسوم لا يتم بشكل صحيح الا اذا قمنا بالمقارنة مع الاشياء المعروفة لدينا سابقا من حيث النسب، فحجم الاشجار مثلا لا يتضح لنا الا بعد مقارنتها بحجم رجل مثلا واقف الى جوارها.
ان وجود عناصر معروفة لدينا من حيث الحجم في الرسومات، أمر مهم من اجل الاستناد اليها في المقارنة بينها وبين العناصر الاخرى ذات الاحجام المتغيرة.

وان تناقص او ازدياد الاطوال لنفس الجسم او الشكل المتكرر يعطي الاحساس بالعمق الفراغي

فمثلا لو تأملنا شكل الاشجار في المشهد للاحظنا التناقص التدريجي للاشجار كلما ابتعدنا رغم معرفتنا الاكيدة بان الاشجار جميعا في الواقع متساوية الاطوال تقريبا.

يستند احساسنا بالعمق وبالمسافة وتقديرنا السليم للبعيد او القريب بقدرتنا على المقارنة بين فكرتنا الذهنية المسبقة عن الطول الحقيقي للاشياء التي اعتدناها، احساسنا بطول هذه الاشياء الظاهري في الطبيعة.

منقول للفائدة
بقلم المهندس هشام